وسطاء بمهنيتنا؛ أمناء بموضوعيتنا

إن المتتبع لوضعية إستطلاع الرأي في عالمنا العربي يرصد بدون عناء كبير حالة الفراغ التي تسوده، فحتى هذه اللحظة لم نستطع الوصول الى العدد الكافي من مراكز الإستطلاع، وذلك مع تجاوز فكرة ان جزءا كبيرا من المركز الموجودة  لا تمتلك المقومات التنظيمية ولا الموضوعية التي تسمح لها بآداء مهامها على أكمل وجه؛ وانطلاقا من هذه الوضعية جاء مركز (مؤشر) كمحاولة لتمتين هذه الوضعية الهشّة وإثراء الفضاء البحثي من خلال الرهان على دوره كوسيط نزيه يرتكز على مهنية وموضوعية القائمين عليه.

وإيمانا منّا بأن تركيز جُهد الاستطلاع في القضايا السياسية هو من أهم أسباب فشل كثير من مراكز الاستطلاع المشتغلة في العالم العربي، فقد جاء  مركز مؤشر ليحاول تغطية زوايا أخرى من حياة الناس فوضع القائمون عليه قضايا الإجتماع والنفس والتربية والاعلام والقانون على رأس اولوياتهم دون ان يغضوا الطرف على تلك الجوانب السياسية التي يمكن أن يكون لها تأثير على القضايا السابقة.

ووفقا لتوجهاتنا السابقة فنحن نعتبر بأن الإستطلاع العلمي والوقوف على مؤشرات القضايا المجتمعية يعتبر مرتكزا أساسي في توجيه صانعي القرار في عالمنا المعاصر في الاتجاه الصحيح، الذي من شأنه الارتقاء بالمجتمعات من خلال المساهمة في حل مشاكلها الراهنة، ووقايتها من المشاكل اللاحقة؛  حيث أن الرصد القبلي لردود الأفعال المتوقعة تجاه أي قرار ذا تأثير مباشر أو غير مباشر على أفراد المجتمع أصبح من الأهمية بما كان بحيث يسمح بتكون صورة متكاملة عن مآلات وتبعات القرار في أي مرحلة من مراحل تطبيقه.

لذا فقد أصبح وجود مؤسسة استطلاع كمركز مؤشر ضرورة ملحّة وذلك قياسا للأدوار التي تقوم بها نظيراتها من مؤسسات الدول المتقدمة من خلال دعم رؤية الإصلاح التي يتبناها الفاعلون المجتمعيون سواء كانوا صناع قرار أو قادة رأي أو أعضاء مجتمع مدني؛ وفي هذا السياق نكاد نتماهى مع رأي الباحث الأمريكي (هربرت شيللر Herbert Schiller) حينما أكّد في أحد كتبه على أن استطلاع الرأي “واحد من الاختراعات الأكثر حداثة في المجتمع الأمريكي، شأنه في ذلك شأن الاكتشافات التكنولوجية التي ابتكرها الإنسان في القرن الماضي، مثل؛ أجهزة الكمبيوتر، ومذياع الترانزستور، أو الطائرة الأسرع من الصوت” ويواصل قوله بأن “هنالك أنواع أخرى من الاختراعات، ومن العناصر ذات الأهمية المتزايدة في آلية توجيه العقول ذلك الاختراع الاجتماعي الحديث نسبياً والذي يسمى: استطلاع الرأي”

ولأننا لا نود لعملنا أن يكون مجرّد امتداد لحلقات الشعبوية التي تنتهجها كثير من المؤسسات الثقافية والإعلامية في عالمنا العربي، فقد آلينا على أنفسنا إخضاع إستطلاعاتنا التي سنقوم بها لأحدث المنهجيات العلمية من خلال العمل وفق خطط منظمة يكون الاهتمام الأكبر فيها بكل ما من شأنه محاربة ومقاومة التحيّز في سبيل الوصول الى الحقيقة كما هي دون أي تشويه أو تحريف لرأي الناس، وذلك من خلال تفكيك الظواهر والقضايا الى مؤشراتها الأساسية و الصحيحة، مع التأكيد على ضرورة تقديم التحليلات الكافية والدقيقة لتلك النتائج المتوصل إليها؛ وقد خصصنا لعملية التحليل هذه مجموعة من الدوريات المُحكّمة التي سنستثمرها في عرضنا للتقارير العلمية المترتبة على عملية التحليل سواء كانت هذه التحليلات من عمل المنتسبين للمركز أم من طرف الباحثين المستقلين الذين يجدون في أنفسهم الرغبة للمشاركة في عملية التحليل.

ويبقى أن نؤكد على إنفتاح مركز مؤشر على كل الخبرات التي تسعى للمشاركة في صناعة حالة استطلاع رأي عربي محترف ومهني؛ يساهم مع غيره من آليات التحضر في بناء مجتمع حيوي يعرف أحلامه وآماله؛ هواجسه و آلامه. مع قدرته على ممارسة التغيير الى الأحسن وفق آليات مدنية ذات خلفيات علمية.

 

 

مدير المركز

د. سعد الحاج بن جخدل

D. SAAD Elhadj Bendjakhdel

الدكتور سعد الحاج بن جخدل

أستاذ علم النفس بجامعة ابن خلدون بالجزائر؛ حاصل على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم كأحسن باحث عربي في مجال البحث التربوي سنة 2016، لديه العديد من المؤلفات العلمية والأدبية، عضو بالمركز الديمقراطي العربي بألمانيا
إغلاق