التعليم التحضيري في الجزائر

في فترة الإصلاح

جاء في دراسة قام بها مركز (مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية) بالجزائر الآتي:

“سنة 1994، عندما شرعنا في إنشاء فريق بحث يشتغل حول “التعليم التحضيري” لم نكن نتصور أنه بعد 10 سنوات من ذلك سيطلب منّا التفكير في إستراتيجية لتطوير التحضيري بهدف تعميمه. إن التركيبة المتواصلة بين مقاربة الباحث الذي يدرس حقيقة اجتماعية هي تلك المتعلقة بتنشئة الطفولة المبكرة و بين مقاربة الخبير التي تتمثل في و مرافقة تكوين المحترفين في الميدان، كانت موجودة باستمرار داخل فريق البحث. فالأماكن المؤسساتية المفضلة للملاحظة، و التي كنا محظوظين بالتواجد فيها وهي: المجلس الأعلى للتربية [1] اللجنة البيداغوجية [2] اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية [3] تسمح لنا اليوم بطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة:

      • ما هي المكانة التي يحتلها التكفل التربوي في ظلّ الاصلاح بالنسبة للطفولة المبكرة وعلى وجه الخصوص التعليم التحضيري؟
      • كيف يتم تطبيق سيرورة إصلاح التربية التحضيري؟
      • كيف يبنى التغيير مع الاحتفاظ بتعدد العرض المؤسساتي الخاص بالتعليم التحضيري بإعتباره مصدرًا للثراء؟

تذكير مقتضب حول المعطيات الممّيزة للتعليم التحضيري

تمّ الحصول على المعلومات الجوهرية حول تسيير تنظيم التعليم التحضيري في الجزائر، انطلاقا من بحث تمّ انجازه في 2003، بطلب من وزارة التربية الوطنية و بتمويل من “اليونيسيف”، شمل البحث عينة ممثلة مسّت 14 ولاية موزعة على المناطق الأربعة (شرق، غرب، وسط و جنوب). تم استجواب في المجموع 572 رئيس مؤسسة تحضيرية، 1669 مرّبياً ومربية على أساس استمارة خاصة تنشط 6 أنواع رئيسية من مؤسسات التعليم التحضيري و هي: أقسام الطفولة التابعة للتربية الوطنية، الأقسام القرآنية والكتاتيب التابعة للشؤون الدينية والجمعيات، التعليم التحضيري البلدي التابع للبلديات، التعليم التحضيري داخل المؤسسات والتعليم التحضيري الخاص المرّخص من قبل مديريات النشاط الاجتماعي.

يمثل العرض المؤسساتي المتنوع، مزايا للأولياء الذين يتخذون خياراتهم وفق إمكانياتهم وتطلّعاتهم و فضاء التحضيري بالنسبة لأولادهم. وراء هذا التنوع، يظهر اختلاف كبير على المستوى المّادي كما على المستوى الإنساني. وهذا الاختلاف يُجَسِِِِدُ في عدد كبير من الوضعيات اللامساواة في نوعية التكفل التربوي.

في الميدان، إن تعدّد أنواع المؤسسات هو سبب تعليم تحضيري بأشكال متعدّدة على صعيد البُنى التحتية، فمؤسسات التعليم التحضيري هي إمّا مستقلة وإمّا مدمجة ضمن مؤسسات أخرى. تمثل نسبة %58,90 من فضاءات التعليم التحضيري المؤلِفَة المؤسسات المستقلة.

على الصعيد الإحصائي

نجد في الموقع الالكتروني لـوزارة التربية الوطنية نجد أن المجموع الصافي للتمدرس في التحضيري يمثل نسبة 3,8% خلال السنة الدراسية 98-1999. بينت الدراسة التي أشرفنا عليها حول “وضعية التعليم التحضيري في الجزائر” بينّت أن معدّل التمدرس التحضيري على مستوى 11 ولاية يمثل نسبة % 31,42، وهو معدل يجب أن نضيف إليه الأرقام المتعلقة بتمدرس الأطفال في السنة الأولى أساسي دون بلوغ السن القانونية، ممّا يرفع المعدّل إلى  35,42. %

على الصعيد البيداغوجي

المـربـّون: تظهر مستويات التعليم المختلفة، ضمن كل المؤسسات وفق الشكل التالي:

      • %16 من مجموع العينة لديهم تكوين جامعي.
      • يمثل المستوى الثانوي والمتوسط على التوالي 56.38%و 19.83%
      • يمثل المرّبون الذين يملكون مستوى الابتدائي 2.88%
      • بينما يمثل الذين لهم تعليم قرآني 4.49% (جدول رقم 1)

جدول 1 : المستوى التعليمي للمرّبين حسب المؤسسة

المؤسسات تعليم قرآني ابتدائي متوسط ثانوي عالي
الأقسام التحضيرية 0% 5,07% 14,25% 68,12% 12,56%
تحضيري تابع للبلدية 0% 3,77% 29,29% 47,28% 19,67%
كتاتيب 38,10% 9,52% 16,67% 33,33% 2,38%
مدارس قرآنية 10,41% 1,70% 18,52% 52,56% 16,40%
تحضيري تابع للخواص 0% 0,35% 19,86% 54,96% 24,82%
تحضيري تابع للمؤسسات 0% 2,50% 28,33% 65,83% 3,33%
المجموع 4,49% 2,88% 19,83% 52,01% 16%

يتواجد المرّبون ذوي الشهادات العليا في التحضيري التابع للخواص بنسبة 24,82 %، منهم24,11 % نساء و يملكون مستوى تعليمي عالي وهناك 54,96% (54,26% منهم نساء و ذوي مستوى ثانوي، الابتدائي شبه غائب 0,35% مما يعني شخص واحد من أصل 282 آخرين.

أمّا التعليم التحضيري الديني فيضم % 4,49 فقط من الأشخاص المتعلمين عن طريق حفظ القرآن يمثلون في الكتاتيب %38,10

تحتل التربية الابتدائية تحتل المرتبة الأولى بـ 9,52 % بينما يمثل المرّبون ذوي المستوى الثانوي إلاّ % 33,33،بينما يأتي التعليم الجامعي في المرتبة الأخيرة إذ لا يمس سوى % 2,38.

فمن الضروري إذن القيام بمجهود لتكوين المرّبين لاسيما أولئك الذين ينشطون في الكتاتيب.

يتميز الطاقم البشري للمدارس القرآنية يتميّز بدوره بـ %16,40 من المستوى العالي و54,56% من المستوى الثانوي. حيث نجد النساء يمثلن %14,29 و %44,27. والمستوى الابتدائي سوى %1,70 من المؤطرين.

تلقى %54,72 من المرّبين (590) تكوينا عاما للتدريس في الابتدائي، أمّا الذين ينشطون التعليم التحضيري للمؤسسات فأغلبيتهم (%75,51) تلقوا تكوينا خاصا بالتعليم التحضيري. وما يظهر متناقضا هو أنه في الأقسام التحضيرية تعتبر نسبة المرّبين المتكونين أقل انخفاضا (%43,50)، وفعلا عندما نتفحصّ مخطط التكوين لدى وزارة التربية الوطنية لا نجد أي برنامج خاص بمرّبين التعليم التحضيري.

إنّ المرّبين “المُكَوَّنينْ” الموجودون في الميدان، هم معلمون في المدرسة الأساسية (مكوّنون لهذه الوظيفة)، لكنهم ليسوا مختصين في مجال الطفولة المبكّرة. ومن بين المرّبين الذين تلقوا تكوينا نجد %18,81 تكوّنوا أثناء الممارسة. و %19,49 كوّنتهم الشؤون الدينية و %29,66 تلقوا أنواعاً أخرى من التكوين:

تكوين جامعي: ليسانس في التعليم، ليسانس في علم النفس، ليسانس في علوم التربية

تكوين مهني: شهادة صادرة عن الشبيبة والرياضة، شهادة صادرة عن مدارس التكوين الخاصة، شهادة تمنح من طرف الجمعيات.

برامج التعليم التحضيري

مهما يكن نوع المؤسسة، يمثل التعليم التحضيري يمثل فضاء للتنشئة الإجتماعية وللتعلّم، الذي يهدف بالأساس حسب 79,30% من المرّبين المستجوبين إلى تحضير الطفل للتمدرس. ومن النشاطات المقترحة على الأطفال. نجد أن القراءة والكتابة تأتي في المرتبة الأولى بـ % 90,24، متبوعة بالأناشيد بـ 86,56%، ثم اللعب بـ % 82,70.

عندما يتطلب الأمر تصنيف النشاطات المقترحة من طرف الأطفال حسب الأهمية، يضع المرّبون (373 أي 34,31%) يضع في المرتبة الأولى القراءة –الكتابة، و 365 من المرّبين أي %33,57 منهم يختارون اللّعب بينما يفضّل 141 آخرين أي ما يعادل %12,97 الأشغال اليدوية.

يرافق تنوّع مؤسسات الاستقبال تنوّعاً كبيراً في البرامج المطبقة. بالرغم من اعتبار التربية الوطنية من الناحية النظرية الوصي البيداغوجي لكل هذه المؤسسات فإنها لم تقم أبدا بهذا الدور. على سبيل المثال الدليل المنهجي [4]، هو وثيقة تقترح منهجية وشروط اقتراحات مضامن البرنامج، هو غير معروف وغير مطبّق إلاّ من قِبَلْ حوالي %22 من المرّبين وهذا رغم منشور [5] وزارة التربية الوطنية الذي يدعو المفتشين إلى ترقية تطبيقه. هذه الوضعية هي أساس الاختلاف الكبير الذي يُلْمَسُ في اختيار النشاطات المقترحة على الأطفال، والذي يخضع في الغالب إلى المبادرات الشخصية أكثر من خضوعه إلى برنامج ناضج مبني على أساس تفكير، لكن هذا لا ينفي أن كل المؤسسات لها هدف جوهري هو “الاستعداد للمدرسة”. ومن خلال هذا الدليل تم الإشارة إلى ضرورة خلق منهاج وطني للتعليم التحضيري ترتكز على قاعدة من الكفاءات الدُنيَا التي يتوجب تطويرها لدى جميع الأطفال، مهما كانت مؤسساتهم الماقبل مدرسية (معرفة دنيا فردية مضمونة للجميع :SMIG) خارج كل الخصوصيات الديداكتيكية، نشاطات إضافية (SMIG) و الذي يعتبر أمرا ملزماً

مكانة التعليم التحضيري في الإصلاح

قدمت اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية التي أنشأت في ماي 2000، من طرف رئيس الجمهورية، تقريرها في مارس 2001 عارضة أهمية التعليم التحضيري بالمقارنة مع الطلب الاجتماعي ومع الوثيرة العالمية، فإنه يُسَجَلْ التطوّر المهّم لهذا القطاع الذي لا يمكن تعميمه إلاّ على المدى المتوسط، فالنصوص التنظيمية عليها أن تؤكد الوصاية البيداغوجية للدولة على كل قطاع تربية الطفولة المبكرة، شروط الافتتاح، التسيير والتمويل خاصة بالنسبة لخواص، كذلك البرامج البيداغوجية ومقاييس تصنيف طاقم التأطير.

سيرورة تطبيق الإصلاح

سجلت الحكومة في ماي 2004 برنامجها تطبيق إصلاح المنظومة التربوية. فعلى مستوى التربية الوطنية، هناك ثلاثة أقطاب رئيسية: تكوين المعلمين، إعادة النظر في البيداغوجيا وإعادة تنظيم المنظومة البيداغوجي.

من خلال إدراج برامج جديدة، مناهج جديدة و إعادة هيكلة التعليم الإجباري بحيث تقتضي اختزال سنة من مدّة الطور الابتدائي (5 سنوات عوض 6)، كذلك تمديد الطور المتوسط بسنة واحدة (4 سنوات عوض 3 سنوات) وإعادة تنظيم الطور الثانوي، كما تجدر الإشارة إلى الإجراءات التي ستُتَخذُ لتشجيع تطوير التربية التحضيرية.

إن التقارب المؤسساتي بالمدرسة الإجبارية يهدف إلى تحقيقه من خلال تعميم التربية التحضيرية لفائدة الأطفال في سن الخامسة، أي فكرة متضمنة في طرق استمرارية طرق التعلّم، كما يشكل نمط الخروج من ما قبل المدرسي نمط الالتحاق بسنة أولى ابتدائي. هذه الوضعية هي بمثابة قطيعة مع التأكيد التقليدي للخصوصيات البيداغوجية لمرحلة ما قبل المدرسي والابتدائي. فالتواصل في طرق التعلّم مبنية على فكرة التحضير الجيّد للمستقبل الدراسي.

تتوقع وزارة التربية الوطنية تشجيع الحركة الجمعوية لتطوير التربية التحضيرية وتحرص على تكافؤ الفرص عن طريق وضع شبكة من رياض الأطفال و من أجل تحقيق هذا الأمر تم اعداد و توزيع مناهج على نطاق واسع في المناطق المحرومة.

هذه الوسيلة البيداغوجية أعدت من طرف فريق البحث المتخصص (GSD) في التعليم التحضيري التابع للّجنة الوطنية للبرامج المشكلة في 2003.

وأثناء المائدة المستديرة التي نظمها الكراسك يوم 18 جانفي، تحت عنوان ” من البرنامج إلى المنهاج”، استطاع فريق بحثنا إقامة تحليل نقدي لمنهاج التعليم التحضيري وللدليل المرافق لها.

ومن النتائج المهمة المتَوصل إليها:

      • المنهاج مهم على أكثر من صعيد: لأنه يرتكز على مبادئ فلسفية تهتم بالكائن بصفة إجمالية.
      • كعرف التربية التحضيرية ليسا كملحق للنظام وإنّما كطور تربوي ولها اهتمام أكيد بتكوين المرّبيات.
      • ترتبط التراكيب الأكسيولوجية بتكوين رجل أو مواطن الغد مُشَبَّع بقيم تُبنى على الديمقراطية، الاحترام، العدالة، التآزر، التضامن، حقوق الإنسان، التسامح والانفتاح على العالم.
      • إنه يتناول الطفل في إجماليته، فهو لا يبحث على تطوير آلة ذكية إنما على كائن منسجم مع نفسه، مع جسده ومع محيطه.
      • يعتبرالمرّبي كوسيط، كمنظم، كمحرك، كدعم، كتوجيه يشجّع نشاط الطفل، فهو لم يعد مقيّد بجدول زمني إلزامي.
      • لم يعدالتعليم التحضيري متروكا لشخص واحد إنّما لمجموعة متعدّدة الاختصاصات: مربون، مختصون في علم النفس و أولياء.

لكن هناك ملاحظات على المستوى الشكلي، الاصطلاحي والمنهجي:

على المستوى الشكلي

      • الوثيقة محدودة المقروئية (ليست واضحة بما فيه الكفـايـة لـتـكـون قابلة للقراءة) و بدون جاذبية (اختيار سيئ للطباعة).
      • الشكل المختزل الموّحد لعدّة جداول  أثر على المقروئية وبالتالي على استعمال الوثيقة.

على المستوى الاصطلاحي

      • الوحدة 2، الوحدة الفرعية 2-1 المعنونة بـ ” خصائص منهاج التربية التحضيرية” في الصفحة 8 و 9 تعرّف المنهاج لمشروع تربوي بتعريفها للغايات، المرامي وأهداف الفعل التربوي، المسارات، الوسائل، الأنشطة والوضعيات المتوّخات لتحقيق هذه المرامي.
      • يمكن أن يكون غياب الانسجام التراكمي على مستوى المفاهيم مصدرا للعديد من عمليات سوء الفهم بالنسبة للمربين (المستعملون المتحملون للوثيقة).
      • تقدم الغايات، الأغراض والأهداف طرحت في نفس المستوى، في حين أن الغايات ترجع إلى النظام التربوي و تتعلق بالقيم التي يحملها النظام والأهداف تخّض النشاط البيداغوجي المتضمن في الأهداف الرئيسية، حاضرة في المنهاج لتعوّض أو تعارض البرامج التي تعوّد المربون عليها وكأنها الوثيقة البيداغوجية الوحيدة الكاملة، بينما المنهاج لا يتعارض كلية مع بعض البيداغوجيات المستعملة في عدد من فضاءات التعليم التحضيري والتي ترتكز برامجها على مجموع نشاطات التعلم والتجارب الحياتية التي يشارك فيها الطفل.
      • وما هو خفي تماما هي الفكرة الأساسية لـ ” المنهاج” كأداة بيداغوجية تدعم استقلالية مختلفة مؤسسات التعليم التحضيري مع الأخذ بعين الاعتبار قاعدة من الكفاءات التي يجب ضمانها لجميع الأطفال المتمدرسين في التعليم التحضيري.
      • الوحدة 4، الوحدة الفرعية 4-1، التي تحمل عنوان “تعريف الكفاءة” في الصفحة 10 إلى 11 تنشر الغموض بمعنى يجعل الترجمة (من الفرنسية نحو العربية) لا تمس المفهوم (في خاصيته ووظيفته العلمية) إنّما تمس المفرد فقط، ممّا أنتج “مفهوم الكفاءة” واسع للغاية لدرجة أنه يعني قول كل شيء ولا شيء في آن واحد، ممّا يخاطر بسوء توجيه المرّبيات اللائي يملكن أنماط تكوين ومستويات تعلم متغيرة (مختلفة)، فتعريف واسع وغامض لهذه الدرجة يُحتمل أن يدفع ببساطة بالمربيات إلى رفض المنهاج.
      • ومما يضاعف الغموض أكثر هي مفهوم القدرة المدمج في المحيط النصّي للكفاءة.

على الصعيد المنهجي

الوحدة الخامسة المعنونة بـ “مقاربات واستراتيجيات”، في الصفحة 13، 14 و15 صِيغَتْ تحت إسم “اللعب، حل للمشاكل، مشروع وحالة مشاكل”، تّم تقديمها بشكل خطي بدون أي ربط. فنمط التقديم يظهر اللعب والمشروع كأنشطة وليس كمسارات مدمجة. إن بيداغوجية المشروع هي طريقة فاعلة إجمالية تستعمل اللعب كنشاط لتحقيق أهداف تمس الكائن الإجمالي، أي على المستوى الحركي، الذهني، الاجتماعي والمعرفي. الوضعية المشكل وكذا حل المشاكل هي مدمجة كلية في المشروع بما أن مجموعة الأطفال تنطلق من وضعية المشكل.

تقدم الوحدة 7 التي تحمل عنوان “نشاط التعلّم” من الصفحة 16 إلى الصفحة 30، تقسيما للنشاطات على أساس التخصصات هذا الأمر من شأنه أن يجعل المرّبيين ينسون أن تساؤلات في اهتمامات الأطفال هي ذات طبيعة تخصصات متداخلة، تستمد جذورها من المعيش اليومي ومن المحيط الإنساني، الفيزيائي والثقافي. فهي تعطيه فرصة اكتشاف أنماط متعدّدة للتعبير والإبداع، والتحسيس بمختلف اللغات التي تدعم وتبني المعارف. فهي تفضل كذلك تطوير المعارف، السلوكات والمواقف التي تساعد الطفل على اكتساب وفق منهجية وعلى تطبيق الأشكال الأولى لحكم نقدي حول الأشخاص وحول الأشياء.

خلاصة

إن مسألة التجانس مختلف الفضاءات الخاصة بالتحضيري تعتبر هدفًا مهما جدًا من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في المنهاج. و هذا الأمر يتطلب سياسة في تكوين المربيين المخصصين للطفولة المبكرة مثل : إستراتجيات التوظيف، المتابعة البيداغوجية، التكوين المتواصل و بالتالي إعادة تثمين مكانة المربيين.

      • من المستحب أن مخطط التكوين الأوّلي المستمر، الموجه لفائدة المربين مهما كان القطاع الذي ينتمون إليه أن ينطلق في أقرب الآجال. لأنه إذا كانت المجهودات التي بذلتها وزارة التربية الوطنية في إعداد وتوزيع المنهاج والدليل المرافق لها هي معتبرة وجبارة، ومن جهة أخرى يتم إهمال تكوين المؤطرين فلا يُمكننا الحديث عن نجاعة التكفل بالطفولة المبكرة.
      • إذا كانت هناك دورات تكوينية عديدة بواسطة إجراءات دائمة في التكوين أثناء الممارسة [6] لم يستفد منها مُرّبو التعليم التحضيري، فإن مشروع التربية “ميدا 2” يدعم إصلاح المنظومة التربوية الجزائرية الممول بشراكة من قبل الحكومة الجزائرية ومن الاتحاد الأوربي و الذي يرمي إلى الإسهام في المجهود الوطني في التحسين النوعي للتربية القاعدية.

الأولوية أعطيت لنشاطات التكوين (مدراء التربية، الأمناء العامّون الـ 48، رؤساء مؤسسات التعليم الإجباري لـ 10 ولايات نموذجية، ومكونين المعلمين)، دعم ديناميكيات التكوين (مهم الدعم المستقبلين دراسة حول التعليم التحضيري، الشروع في البحث عن مصادر الفشل المدرسي)، تطوير أدوات التسيير.

– يتطلب الإصلاح مراقبة دورية للنشاطات التي تّم الانطلاق فيها باتخاذ قرارات إعادة الهيكلة، للوقوف على الانجازات وعلى المشاكل الناجمة عن التطبيق، واكتشاف عوامل العرقلة. تمثل الدراسات الدورية للتقييم والمتابعة، واحدا من المفاتيح الأساسية لنجاح الإصلاحات.

– مثل الاعتراف اليوم، بفضل إسهام البحث العلمي في التربية و على سبيل المثال، تأثير المؤسسة في إنتاج نتائج مدرسية مختلفة، قاعدة لبروز مواقف جديدة فيما يخص التسيير.

– هذا الاعتراف بقانون استقلالية نسبة للمؤسسات التربوية في الفاعلية المدرسية تبلور عن طريق مفهوم مشروع مؤسسته.

الهدف هو إحداث تغييرات والتغيير هو أوّلا تحسين الفعل البيداغوجي لتحقيق الانفتاح التام للطفل وهو شرط التمدرس الناجح.

حتى تكون فضاءات التكفل بالطفولة المبكرة أماكن دعم التطور الوجداني الذهني للأطفال فالشرط الأساسي هو أن يكون الأشخاص مُكَونين ومُساندين.


الهوامش

[1]  نورية بن غبريط، رمعون، عائشة بن عمّار، 1996-2000.

[2]  نورية بن غبريط، رمعون، 1999-2001، عائشة بن عمّار، 2002-2006.

[3]  نورية بن غبريط، رمعون (2000).

[4] الدليل المنهجي للتربية التحضيرية، المنجز من قبل فريق البحث التابع لـ “كراسك”، وزارة التربية الوطنية، المعهد الوطني البيداغوجي، 1997.

[5] المنشور الوزاري المؤرخ في 13 أكتوبر 1997 المتضمن التكوين والوصاية في التعليم التحضيري الموكل لمديرية التعليم الأساسي.

[6] في سنة 1998-1999، دخل الإجراء الجديد حيّز التطبيق: تربص لمدّة أسبوع استفاد منه 143000 معلم في التعليم الأساسي وأستاذ في التعليم المتوسط وأستاذ في التعليم الثانوي.

المصدر
مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (الجزائر)
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: